التقاضي له درجات: منه الابتدائي، الاستئناف والنقض، ولكن يوجد نوع آخر من الأحكام ؛ هو أحكام السوشيال ميديا؛ وهي تتميز بأنها أحكام سريعة وباتة ونهائية حتى لوصلت أحكامها إلى الإعدام؛ الإعدام شنقا أو إنتحارا أو احباطا، لا يهم؛ وإنما ما يهم هو سعادة الشخص الجالس على مقبض الكيبورد، يلعب به يمينا وشمالا.. هو الحكم والقاضي والجلاد ..هو حر، يصدر أحكاما متناقضة تتميز بالفهلوة والعلم ببواطن الأمور مهما كانت شخصية أو خاصة، حتى تلك الأمور التي تكون بين العبد وربه، هو يعلمها، ويطارد أصحابها حتى يطرحهم أرضا!
هذا الشخص غالبا ما تكتشف أنه جاهل وغير متخصص، غير ملم بالهدف، ولا يهمه البحث عن الأسباب ولا الدوافع، ولكن مسعاه دائما هو افتراس الضحية، ولا يوجد أسهل ولا أرخص من الفن والفنان ليصوب تجاهه سهامه المسمومة.. مادامت النقابات المعنية غائبة!
هل هذا له سبب؟!
نعم..له ألف سبب، ولكننا اعتدنا عليه، الطعن في السيرة الخاصة للفنان منتشرة وبنجاح ساحق!
ما الجديد؟
إطلالة المطربة الكبيرة نجاة الصغيرة في حفل وتنظيم استقبلها بحفاوة، وجمهور عريض متعطش لفنها، في السياق كنت أول من طالب نجاة الصغيرة باستكمال مسيرتها والظهور في حفل عام بعد 25 عاما من آخر ظهور لها في مهرجان جرش بالأردن العام 1999.
طلبي هذا قوبل بسخرية واستهجان وتنمر على عمر الفنانة، ويشاء الله أن تتحقق النبوءة وتطل نجاة على جمهورها؛ إلا أن قبضاية السوشيال سنوا السكاكين وهات يا تقطيع، وكل اعتراضهم قائم على المرحلة العمرية التي أصبحت عليها المطربة ـ أمد الله في عمرها ومتعها بالصحة والعافيةـ وكأنه ليس من حق الإنسان أن يعيش ويعمل، علما بأنها لم تؤدي بخلاعة ولم تتعرى، ولكن قبضايات السوشيال حكموا عليها بالموت.. حكموا عليها أنه ليس من حقها الغناء ولا الحياة!
على النقيض سن بعض أشاوس السوشيال حربا شعواء، وحروبهم دائما مستعرة، ما أن تخمد حتى تعاود الاشتعال، في سبيل حقهم في أن يظهر الفنان الكبير عادل إمام أطال الله في عمره، يريدون ظهوره بل وأن يعمل هكذا كان حكمهم سيف مسلط على رأس الفنان، مهاجمين أسرته في أنها تحافظ عليه وتوفر له أجواء الراحة بعد شقاء العمر.
نفتح الشباك ولا نقفله؟!
ترغبون في ظهور الفنانين الرواد أم إخفاء وجوههم عن العيون؟
مش مهم .. المهم عدد اللايكات والكومنتات!!
حسما للرأي الشخصي.. استمتعت ب نجاة الصغيرة، تقولوا بلاي باك وأنها مش بتغني، موافق ياسيدي، فقد أعجبني حالة البهجة المواكبة لظهورها، وأعجبني تمسكها بالحياة وبكينونتها وفنها.. هذا هو الدرس، وقبل أن أغلق الصفحة أوكد على أنه من حق أسرة عادل أن تحميه وأن تحافظ على صورته، وأن يستمتع هو بأسرته وأحفاده، صحيح القول بأن الفنان ملك جمهوره، ولكن أرواحهم ملك خالقهم.. رغم أنوف السوشيال ميديا التي جاءت لتنظيم الكون وإقصاء أي صوت يخالف صوتهم العالي!
------------------------
بقلم: طاهـر البهـي